اهتم الأصوليون بالاجتهاد، وبيّنوا أسسه وشروطه وأنواعه، من خلال المناهج التي صاغوها والقواعد التي أرسوها وبثوها في مباحث علم أصول الفقه، باعتباره مظهرًا لأحكام الله، وخاصة فيما لم يرد فيه نص صريح.
\nولم ينحصر النظر الاجتهادي في دائرة الاجتهاد في استنباط الحكم الشرعي واستخراجه من أدلته التفصيلية، وإنما تجاوزها ليشمل دائرة أخرى تتمثل في الاجتهاد في تنزيل الحكم على وقائعه وأفراده وجزئياته، التي تصلح أن تكون محلًا مناسبًا لتطبيق الحكم عليها، إلا أن الأخير لم يحظ باهتمام الأصوليين بنفس الاهتمام، وقد ركّزت كتب الأصوليين على منهج الفهم لا التطبيق، ولا شك بأهمية الفهم والاستنباط إلا أنها لا تغني عن عملية أولى وهي تنزيل وتطبيق الاحكام على واقع المكلفين. \n \nومن واقع التطبيق ما أسماه الأصوليون "تحقيق المناط" وقد خصّ الشاطبي في كتابه "الموافقات" هذا المصطلح بمساحة كبيرة، فأظهر مكانته في عملية الاجتهاد، بعدما كان حبيس مبحث القياس عند الأصوليين قبله. \n \nوتزداد الحاجة لهذا النمط الاجتهادي التطبيقي كلما تطورت حاجة الناس وتعقدت، وكثرت الوقائع والأحدات التي تحتاج الى اجتهاد مبني على أصول منضبطة، توجهها إلى هدي الشريعة بما يحقق مقاصدها، وتقي القائمين به مزلات التطبيق، وتعصمهم من دواعي الإفراط والتفريط..Menu