أمضى علماء المالكية رحمهم الله نفيس أوقاتهم وجُلّ أعمارهم في ربط فروع المذهب المتفرقة، وتأصيل قواعده المحكمة، وربطها بالحياة، خدمة لهذا الدين.
\nوللناس في الفتوى مشارب ومذاهب، حيث ألسنة المتكلمين فيها بغير علم منتشرة، وأقل توصيف لهذا بأنه فوضى منهجية، ينبغي على العقلاء والعلماء تداركها وحسم مادتها، لتسترد الفتوى هيبتها، وتعود إلى سابق مكانتها. \n \nوقضية الجالية المسلمة في بلاد الغرب من أكثر القضايا تعقيدًا وإثارة للجدل، لما يمثله الوجود الإسلامي في بلاد المهجر من ثقل بشري وازن، وهو واقع كان نتيجة لتزايد نسبة المهاجرين من المسلمين لأسباب ودوافع كثيرة. \n \nبيد أن هذه الهجرة اتسعت وتضاعفت أعدادها وتحولت من هجرة عابرة إلى جالية مستقرة، تبحث عن مقتضيات وجودها، وإثبات هويتها، خاصة مع ظهور الجيل الثاني والثالث، الذين حملوا الجنسيات، وتعلموا اللغات، وتأثروا بالعادات والتقاليد. \n \nفكان هذا الواقع دافعًا إلى قيام المؤسسات التي تُعنى بشؤون المسلمين في بلاد المهجر، حفاظًا على هويتهم وشخصيتهم الإسلامية، دون عزلة أو انكفاء، فأنشئت المساجد للعبادة، والمدارس للتعليم، وعقدت المؤتمرات، وألقيت الدروس والمحاضرات. \n \nواستصحابًا لهذا الواقع كانت للأقليات المسلمة في بلاد الغرب خصوصية، وهذه الخصوصية لا تعني إنشاء فقه جديد، أو قواعد استنباط محدثة، وإنما المقصود إخراج الفتاوى من بطون الكتب، واستنطاقها من أفواه الرجال، بمرجعية إسلامية، وأصول مالكية، نابعة من الموروث الأصولي الفقهي، وأقرب التصاقًا بواقع الأقليات، وخصوصية الجاليات، جلباً للمنافع والمصالح، ودرءًا للمفاسد والمساوئ..Menu